السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
سوف ابدآ اليوم ان شاء الله تعالى بتعريف فلسفه الجيت كون دو القتاليه حتى يعرف الجميع ما معنى كلمه العقل المقاتل
نبدا باذن الله
( جيت كونى دو )
جيت : المطارده و الاعتراض
كونى : القبضه
دو : الاسلوب او الحقيقه
وفسرها الغرب على هذا النحو :
(( الغايه النهائيه ان تجد خصمك , ان تصله , ان تكيل له , انها الهجوم لا الدفاع 00 ))
وقال بروس لى عنها :
(( شكل متطور من قتال الشوارع ))
لقد استولد بروس لى الجيت كون دو , وكان لها صدى وكان لها رنين !
رجل مناقضات عجيب وهو طالب بذ بفلسفته القتاليه وممارسته جميع فنون القتال القديمه 0
ولم يلبث فنه اللامتناهى ان احدث ثورة عارمه فى عالم الكونج فو وابتداعه (( للجيت كون دو )) رسخ قدميه كمعلم لاجيال عديده من عشاق هذا الضرب الفذ من القتال 0
بروس لى كان اسطورة كان مقاتلا قرن بين الفلسفه والقتال ليسفر المزيج عن ظاهرة خارقه ادهشت الدنيا 0
بروس لى سما فوق القواعد وتحدى الاساليب ثم كيفها كلها وصهرها فى بوتقه واحده 0
بروس لى كان ابن الحركه التى لا تغتر 0 فقاما وجد فى رجل واحد تلك الطاقات المذهله ، طاقات السرعه والقوة والمهاره التى وصل بها الى حد الاعجاز 0 ولكنه كان ايضا رجلا عميقا مرهف الاحساس0
فبين العرق والالم ، بين العمل والشهرة ، وجد دائما المنهج للتعبير عن آرائه العميقه بكلمات معدوده :
الانسان , ذلك المبدع ، يبذ كل اسلوب او نظام 0
الحياه عمليه دائبه مطرده تتحدث عن نفسها 0
المعرفه لا تكفى , ينبغى ان تطبق 0 والاراده لا تكفى , ينبغى ان تفعل 0
التفاؤل ايمان يفضى الى نجاح 0
المعرفه تكسبك القوة , ولكن الخلق الحسن يورثك الاحترام 0
ان اعتبرت عملا ما مستحيلا , فانت بذلك تجعله مستحيلا 0
ان احببت الحياه , فلا تهدر الوقت , لان من الوقت صنعت الحياه 0
امض بشجاعه , فكل تجربه تعلمك درسا 0
قاتل لتنتصر , لا لتنهزم 0
رجل الكونج فو عقله مرآه 00 لا تستبقى شيئا , وتتقبل كل شىء 00 انها تستقبل ولا تستبقى 0 ليفكر العقل كما يحلو له , ليفكر بحريه مطلقه لا يؤثر فيها الغرور 0 وطالما فكر العقل بحريه فلن يكون هناك دافع لحذف الافكار , او لطمسها 0 وغياب المحاوله لهذا الاستفراغ العقلى هو غياب حتمى للفكر الانفصالى 0
اذا الرجل المتفوق تخلى عن الفضيله فكيف يفى بمتطلبات الاسم ؟؟؟؟؟؟؟؟
الرجل المتفوق يحقق العسير وهو يسير , ويؤدى ما ينتظر ان يكون عظيما , من الامور الصغيره 0
اذن فالرجل المتفوق قادر على الاضطلاع بجلائل الامور, مع انه فى الوقت ذاته لا يقوم بالامور العظيمه 0
فان اندمجت هذه الاقوال واتحدت , وان وجد انسان نفسه اهلا لتحقيقها , فان النتيجه تكون مثالا يحتذى للفضيله الانسانيه , وتكون صفه بارزة لعباره كونج فو 0
الكونج فو الحقيقه مؤصله فى القدمين 0 تستوى فى الساقين 0 ويوجهها الخصر 0 وتؤدى بواسطه الاصابع 000
الجندى الشجاع لا يتصف بالعنف 0
المقاتل البارع لا يفقد رباطه جاشه 0
القائد العظيم ينتصر دون قتال 0
الحاكم القوى يحكم بالتواضع 0
هذا يعرف بفضيله عدم الكفاح 0
(( لحظه تفهم ))
وصف بروس لى فيها الكونج فو كمهارة من نوع خاص , وكفن اكثر منها تدريب رياضى 0
انس نفسك وتتبع حركه خصمك 0
ليقم عقلك بالحركه المضاده دون تفكير 0 تعلم فن الانفصال والتجرد 0
(( طبيعه الماء )) هذا ما اكتشفه بروس لى
الماء , هذه الماده الاساسيه , هو جوهر الكونج فو ؟ اضرب الماء , ولكنه منيع عن العطب , اطعن الماء فلن ينجرح , واستخراجه بالقبضه محال , تضع الماء فى اى وعاء كان , ورغم ما يتراءى من ضعفه فهو فى النهايه يخترق اى ماده فى الدنيا 00
(( فى المعركه تقاتل شيئا حيا متحركا وجدير بك ان تقاتله بواقعيه 0 وكل حركه زائده لا لزوم لها فى معركه الشارع تقضى عليك , فمتى امسك بك احدا اضربه ضاربا عرض الحائط بالحركات المرعيه التى تفرضها التقاليد ))
(( لا ادفع الرجل , اضربه ))
بسرعه خارقه جذب بروس لى اليه الانظار فاعترفت به الدنيا استاذا عظيما لا يشق له غبار 0
كان صاحب فن وصاحب موهبه وصاحب مقدرة و صاحب عقل مبدع 0
ودعى 00 دعاه تلفزيون هونج كونج مع بضعه اساتذه متفوقين فى الكونج فو الى الظهور على الشاشه الصغيره والادلاء بآرائهم وتقديم استعراضات قصيره لفنهم 0
وينهض احدهم واقفا تحت الاضواء الساطعه واتخذ لنفسه وضعا قتاليا داعيا كل رفيق الى دفعه واسقاطه وجرب الواحد تلو الاخر وفشل 00ولم يحرك بروس لى ساكنا فنظر اليه الرجل نظره ساخره وتحداه قال : لم تجفل ايها الصديق ؟ تقدم 00 ارنى قوتك .
وتقدم بروس لى بتؤده وصعد طرف عينيه فيه ثم ضربه ضرية هائله على وجهه اسقطته وكادت تقتله وضج المكان باصوات الاحتجاج وانقض استاذ بغضب على بروس لى فقبض على ذراعه وصاح : ويك لما ارتكبت شططا واجابه لى برباطه جآش (( انا لا ادفع انا اضرب ))
الجيت كون دو اسلوب لا يعتبر اسلوبا , انه نظام منبثق عن الاسلوب الكلاسيكى , انه تحقيق غايه , انه العمل المباشر , انه الانتصار بكل وسيله متاحه 000
وشرحه " بروس لى " قائلا
" النحات وهو ينحت تمثالا لا يضيف الصلصال باستمرار , بل ينحت الزوائد الى ان يجددها فتبرز الحقيقه عاريه دون المساس بالاصل والجوهر , والجيت كون دو لا تعنى الاضافه , بل التشذيب , حذف اللاضرورى 0 انها ليست الزياده اليوميه , بل الانقاص اليومى 00 فالفن تعبير عن النفس 0 وكلما زاد الاسلوب تعقيدا , نقصت الفرص المتاحه للتعبير عن مشاعر الحريه 0 ولو كان للتفاصيل الفنيه دورآ كبيرآ فى المرحله الباكرة , الا انها لا ينبغى ان تصبح مقيده بالتعقيدات , فنحن نعبر عن التفاصيل الفنيه ولا نلتزم بها واذا هاجمك احد فردك عليه ليس التفاصيل الفنيه رقم 1 آو 2 آو 3 بل ردك يكون الحركه كالصوت والصدى , دون تقيد او تردد "
وقال ايضا
" اصارحكم 00 لم استنبط اسلوبا جديدا او اضع تعديلا لاسلوب قديم 00 انا لم اقيد الجيت كون دو بالقوانين والنظم 0 بالعكس , انا اردت تحرير رفاقى من القيود والتعاليم "
وسألوه : فماذا اذن خاصيه الجيت كون دو ؟ وماهى ميزتها ؟
وأجابهم : انا اقدم لكم نمطا عالما , اقدم لكم فلسفه قتاليه لا تعترف بسدود , وبالنتيجه تجمع بين المقاتلين الذين فرقت بينهم المواقع الجغرافيه "
والى الذين نقبوا فى حشايا الجيت كون دو عن قوة اضافيه , قال بروس لى :
" لا تتجاهلوا حواسكم الخمس الطبيعيه فى محاوله لاكتشاف الحاسه السادسه المزعومه , اكتفوا بتطوير حواسكم الخمس "
ولكن بروس لى رفض انشاء مدارس لتعليم الجيت كون دو 00 رفض ذلك رغم الوعود والاغراءات , ولهذا فان الطريقه هذه بعد وفاته لم يتضح من خفاياها الا النزر اليسير
الا ان فلسفه الجيت كون دو تنسجم فى كلمات قالها :
" تمسك بالمبدأ 00 فكك المبدأ 00 امتثل للمبدأ ولكن لا تتقيد به 00 هذه هى الجيت كون دو "
التدريب واللياقه !
"القوة فى حد ذاتها لا تضاهى المعرفه , ولكن ان وجدت بين المعرفه والتدريب , نلت القوة "
بروس لى قدر جسمه وحافظ عليه , واعتبره اعز ما يملك 0 كان حريصا اشد الحرص على هذا الجسم ولا يصرفه امر عن الاحتفاظ بلياقته وكماله البدنى 0
وكانت حلبته معبدا للياقه البدنيه 0 وقد جهزه بجميع ما عرف من معدات , وكسا جدرانه بالمرايا , ليتمكن الرياضى من مشاهده تدريباته والتواءاته وتثنياته 0
ورغم النواحى التى قصر فيها بروس لى الا ان جسده كان حقا نموذجا للكمال فى عضلاته , التى لم يحاول ان ينفخها ! كان جسده جميلا فى قوته , رائعا فى رجولته , وله الفضل فى ذلك لما تعهده به من تدريب صحيح 0 وقد قال :
" ان تنميه الجسد وتطويره حتى يصبح كاملا غايه فى حد ذاتها بل اصبع تشير الى القمر 0 فلا تظنوا ان الاصبع قمرا , او تحددوا ابصاركم على الاصبع فتغيب عنكم مناظر السماء الرائعه فالاصبع مفيده لانها تشير الى غيرها , الى الضوء الباهر , اى الى الضوء الذى يغمر الاصبع ويغمر كل شىء "
وهو رغم ما حواه بيته من آلات وادوات , رياضيه , يعتبر الجرى اهم تمرين للانسان , ينمى به قوته ويحسن من منظر بدنه , وكان يقول دائما :
(( الجرى 00 الجرى 00 اركضوا من المهد الى اللحد ! ))
وكان بروس لى فعلا يعدو كل يوم مسافه تتراوح بين ميلين و سته اميال 0
وبروس لى لم ينقطع ابدا عن هذه التداريب ويقول اصدقاؤه انهم لم يجدوه يوما يجنح الى الراحه و التراخى , حتى وهو يآكل كان يضغط راحه يده على المائده من داخلها 0
وكان وهو يقرأ يثب فجأه الى المائده فيدون فكره طارئه عن تمرين جديد 0
وكان يضغط بظهر يده على الحائط ضغطا شديدا متواصلا 0
كان يمرن عضلات فخذيه ومعدته وساعديه بتمارين فنيه اثبتت فعاليتها 0
وكانت ركلاته فولاذيه , حتى اسموه ( رجل الثلاث أرجل ) 00 كان يطير فى الهواء ويركل , وقد توصل الى ركل شجرة فى قفزات هائله , ثم شرع يركل الكيس الذى زنته مئتا كيلو جرام , ويركل خلفيه محكمه لا قبل لاحد على تحملها والصمود ازاءها !
(( ان سر الركله ينطوى عليه التحكم بالنفس , وعدم التجاوب مع الغضب 0 ))
واستعمل الاكياس من شتى الاوزان لتقويه قبضته ولكمته 0 وقال فى هذا الصدد :
"جدير بالمقاتل ان ينفجر فى الكيس ويفجره , وان اللكمه والركله تتولدان من التصادم الصحيح , فى الموقع الصحيح , وفى اللحظه الصحيحه , على ان يكون الجسد فى الوضع الصحيح ايضا , والا فالقوة القاهرة الوحشيه والعزم المفتقر الى المرونه والتلوين , لا يصلان بك الى النتيجه المتوخاه"
لم تكن تمارينه سهله , كانت من اشق التمارين , ولكن من افضلها وانفعها , وقد ثابر ايما مثابره 00 لم ينقطع ساعه واحده عنها , لم يمل ولم يكل , بل داوم بصبر وجلد وايمان 0
(( التناسق 000 التناسق 000 ))
كان يهتف !
(( لولا بدنى وطبعى وسجيتى لما بلغت وطرى ! ))
(( الاصرار 000 الاصرار 000 ))
(( لولا طبيعتى المصرة على نيل الاحسن , لما اصررت , ولما حققت مأربى ! ))
(( وتعلمت 00 تعلمت الطريقه المثلى لاستعمال جسدى 0 تعلمت كيف استفيد منه , وكيف استحثه ! ))
(( وفهمت نفسى 000
وتفاهمت مع نفسى 0
واصبحت بروس لى ! ))
اعداد :
ك / محمد عبد الوهاب محمد على
من كتاب العقل المقاتل
الى اللقاء فى الجزء الثانى